من أفضل ما قرأت في الشعر المعاصر ... قرأتها منذ أكثر من عشر سنزات ومازلت لأنها رائعه
وداعا أيتها الصحراء !
قصيدة للمبدع "أحمد بخيت"
[align=center]سأخرج من حرير العاشقات ** ومن ذهبٍ يخون معلقاتي
أجل لي صاحب يبكي فأبكي ** ولي طلـل يليـق بمفرداتي
ولي لغتان : فصحى أنجبتني ** ودارجة سأمنحهـا رفاتي
ولي زهو "المُنَخَّلِّ" حين يفضي ** بأسرار البروق إلي الحصاة
ولي شرفُ الصعود إلي غيومي ** تقطِّرني علي "خِدر " الفتاة"
ولي خبز الخرافة ملح دمعي ** رمال بداوتي خمر انفلاتـي
ولي باب علي الملكوت نبعٌ ** بـوادي الجـن عيـنٌ للمهاةِ
ولي أَبَدِيَّةُ الصحـراء ليـلٌ ** بـآلاف النجـوم الشاحبات
حنين النوق ياقوت القوافي ** ولألاء التصعلـك فـي الفلاةِ
ولي ما ليس لي خمسون أُمـا ** ولكنّـي يتيـمُ الأغنيات
أتيتُ وفي يدي العسراء سيفٌ ** ينوح على الضحيَّة والجناة
بكيتُ وما بكيت قروحَ روحي ** ولا شوقي لليل الظاعنات
سيرْتهن «السموأل» من دروعي ** وديعةَ ذاهب نحو الممات
ستنسلخُ القبائل من دماها ** ستنتقـم الحيـاة مـن الحياةِ
أأطلب في بلاط الروم ملكاً ** ولي ملك الرياح السافيـات؟
متي زحف الرماد إلي دمائي ؟ ** متي أصبحت قوادًا لذاتي
وكيف غدوتُ عنينا قبيحًـا ** يدلِّـك كبريـاءَ الساقطات
سأترك لحم أسلافي لقيطاً ** يحـنُّ إلـي حنـان الأمهاتِ
وأبحث عن مُعلَّقةٍ لروحي ** بعيدًا عن صواريـخ الغـزاة
سلامًا يا امرأ القيس انتهينا ** حقائب في مطارات الشتات
أنا لا أعبد الأصنام شعرا ** ولا أبكي الرسوم الدارسات
فُطمت عن الوقوف علي خراب ** وتأبين الرماد بنهنهاتي
برئت من افتخـار عنجهـيٍّ ** بأيـام العظـام الباليـات
ولم أصعد إلي نسب ٍعريقٍ ** سوي نسب الصحيفة والدواة
سقطت إلي الحياة دما أليفا ** يخـوض المَعمعـاتِ بـلا أداة
وما لي في رباط الخيل جهدٌ ** جهادي في رباط الغانيـات
أنا ما لا يحب الناس مني ** إمـام اليـأس مهـديَّ الغواةِ
ورثتُ من الحضارة خمرَ كسرى ** وآلاتِ القيان العازفات
من الروم التسكع قرب ديـرٍ ** كراهيـة الرعيـةِ للرعاةِ
من الهند المنجِّم حين يتلو الط ** والع فـي كتـاب النيِّـرات
من اليونان سفسطتي وشكي ** وحيرة موقفـي وتساؤلاتـي
سأهبطُ جنة الشيطان يومًا ** وأقرع بـاب مملكـة العصـاة
وأصعد نحو عليِّيـن يومًـا ** لتقتحـم السمـاء تبتلاتـي
سأعصرُ كَرْمةَ الأيام خمرًا ** وأسقي للحيـاة تناقضاتي
عنيدًا أبتغي ما لاأسمِّـي ** وحيـدًا أستظـل بمعجزاتي
سأخترق النبوة - دون خوف – ** علي خيل المعاني الخالدات
نُفيت فغبتُ كي أنفي غيابي ** نُعيتُ فجئت كي أنعي نعاتـي
أنا هو أحمـد الكوفـيُّ نامـوا ** علـي خبـث الرعيَّـة والولاة
أنا هو أحمد الكوفيُّ قوموا ** علـي غـدر السـيوف المشرعات
ستسقطُ ألف "بغدادي " فسيروا ** إلـي ملـك الأعاجـم والخصاةِ
أنا هـو أحمـد الكوفـيُّ نامـوا ** فقـد نامـت سراويـل الزناةِ
فررتُ إلي الذي سأفرُّ منـه ** وألجأنـي الفـواتُ إلـي الفواتِ
خسرتُ؛أجل خسرتُ، خسرتُ نفسي ** لأربح ما خسرت من الهبات
ولكنِّي أكيدكمُ بموتـي ** وفـي شـرفِ الـردى شـرف الحياة
سأذهب طاهرا منكـم ومنِّـي ** إلـي ملكـوت سيـدة اللغاتِ
دخلت "معرةَ النعمان" أعمى ** يرى زحف العصـارة فـي النبات
يرى بؤس الأجنَّة وهي تعوي ** من الأصـلاب بحثًـا عـن فتـات
وها أنا في الثلاثةِ من سجوني ** غُرابُ الروح ينعب فـي لهاتي
شُفيت فما شَقيت بإرث ماض ** وُقيـتُ فمـا سُبـت بحلـم آت
فكيف طُردتُ من جنَّات شكِّـي ** مجوسيًـا يُكفِّرنـي قُضاتـي ؟!!
ومن أنا والترابُ يغوص تحتي ** ومن أنا في سمـاء الطائـرات ؟!!
ومن أنا في سلام معدنيٍّ ** ومن أنـا فـي حـروب الحاسبـات ؟!!
سلامًا أيها الحاسـوب صرنـا ** قوائـم فـي سـلال المهمـلات
سأبحث عن" لزوميات" صمتي ** وعـن قبـرٍ بحجـم تأملاتي
لمـاذا لا تتابعنـي ظلالـي؟ ** لمـاذا لا تشابهنـي صفاتـي؟
لماذ ا خرَّب النسيـان قلبـي ؟ ** وخانتنـي شجاعـةُ ذكرياتـي
فلا طربٌ ليأنس بي صحابي ** ولاغضـبٌ ليخشانـي عُداتي
كأنِّي خارجٌ من كلِّ شـيء ** يسابقنـي إلـي موتـي مواتـي
بعيدًا عن دمي عن حزن أهلي ** بعيدًا عن عـذاب الكائنـات!
يمرُّ الفاتحون علي عظامـي ** فـلا تدمـي ولا تدمـي قناتي
أنا حجر النهاية فاتركوني ** لأغـرقَ فـي ميـاه تداعياتـي
هَوَت عشرون أندلساً لأبكـي ** علـي أطلالهـا مجـد الحفاة
فمن سيرى قرَابَ السيف يبكي؟ ** ومن سيلمُّ دمـع الصافنـات؟
ومن سيشمُّ رائحة "ابن رشدٍ" ** تسافر فـي مـداد "الترجمـات"
ومن سيضوع مسك الروح فيه ** ويسكن فـي بهـاء منمنماتي
ومن سيكون آخـر عَبشمـيّ ** يمزقُّـه نحيـبُ موشحاتـي
ومن سيعلِّق الأجراس مَّنا ** - قبيل الفجر - في عنـق الكماة
أتسأل يا "ابن زيدون" لماذا ** يعـاُف الشـدو جبَّـارَ الشـداة ؟
مضي زمن الذين حموا حماهم ** وليس يليق بي زمن اللواتي
إلي الربع الخراب نعود رهوا ** "فلا ثقلـت بطـون "المنجبات"
أنا المتحدث الشعبي باسمـي ** وباسـم اليائسيـن مـن النجاة
مدان بارتكاب «الحـزن» جهـرًا ** ومتهـم بازعـاج الطغاة
أنا منـدوب تدشيـن لجيـلٍ ** تناسـل فـي زحـام الحافلات
تساقـط مـن دم الأرحـام كهـلاً ** لتلعنـه أكـفُّ القـابـلات
نما في السهو في عَطنِ الليالي ** وفي عقم الخطى واللافتاتِ
أبشرُّكـم بتنيـن رهيـبٍ ** تنفـس تحـت سقـف العائلات
سيرفضُ إرثكم دون امتنـان ** ويعبُـرُ سخطكـم دون التفات
سيرقص فـي قميـص أجنبـي ** ويحشـو تبْغـه بالموبقات
سيهبطُ نحو غلمِتـه ليـأوي ** إلـي قطـط الغـرام الجائعات
سيصنعُ من أبوَّتكم رصاصًا ** لتندلع الجريمـة فـي الجهـات
سيفـرحُ عندمـا تعطيـه "رومـا" ** معونـة شهـوةٍ ومعلبـات
سيخرج من رباط الخيل قسرًا ** ويُطرد مـن دعـاء المئذنات
سلامًا يا" ابن عبدالله" "روما" ** توزع خبزنـا وقـت الصلاة
لماذا تجرحين صفـاء يأسـي ** وتجترحيـن هـدأة خارطاتي
وتبتكريـن نافـذة لروحـي ** وتخترعيـن ثالـثـة الرئات
حنانك أخطرُ الغربا ء قلبي ** وأخطـر مـا بقلبـك وشوشاتـي
أخافك أم أخاف عليك منًّي؟ ** همـا خوفـان: حنَّـانُ وعاتِ
أجيئك فارغًا مـن كـل حلـمٍ ** وممتلئًـا كقبعـة الحـواة
من الوعظ الجبانِ من الأغاني ** من الخطب التي التهمت ثباتي
ومن كتب "الحماسة" و"الأمالي" ** ومن أشهـي أكاذيـب الرواة
من اللغو المحنَّط في حواشي ** علي متنـنٍ لألغـاز النحـاة
ومن صوفِ الدراوشِ والتكايا ** دفوف الزار شعوذة الرقـاة
ومن الحب الذي لا حبَّ فيـه ** مـن الجسـد المهيـئ للسبـات
من"النقب" "الجليل" "القدس" "يافا" ** من "النيل الكظيم" إلى"الفرات"
من التاريخ حين يصيـرُ مبغـى ** لديـوث وحفنـة مومسات
وداعًا للجمال لشمس "آب" ** إذا ابتسمت علي خد البنات
لألعاب الطفولة للأحاجي ** لعصفور الصباح لسوسناتي
وداعًا للبكاء بصدر أمي ** لفيـروز العيـون الصافيات
لطعم البرتقال لصبح عيد ** تـلألأ بالثيـاب الزاهيات
لسطح طفولتي لدجاج أمي ** لأفق باتسـاع تخيلاتي
لمقرعة المعِّلم حين تعلو ** فتنفجر العنـادلُ صادحـات
لثرثرة الصداقة للمقاهـي ** لقهقهـة مهذبـة النكات
لآهة "أم كلثوم " "لشوقي" ** لآلئ في القلـوب الخافقات
لنزهة عاشقين لشجو نايٍ ** لأحلام الصبايا الناهدات
لبيت الحب للغد حين يأتي ** لآلاف الوعود الرائعـات
لقد ودعتُ ما ودعتُ مني ** لأولد من رمـاد الأمنيات
سأفترع الكتابة وهي بكرٌ ** وأجتـرح الحقائـق ثيباتِ
وأنتظر القيامة في هدوء ** وحيدا تحت سقف مخيماتي [/align]